البناء العشوائي.. ماذا ينتظر زيتوني
"لا يغتال التعمير عندنا الديمقراطية فقط، بل يخلق الإرهاب أيضا ويحضنه ويعطيه مبرراته …" رواية المغاربة لعبد الكريم جويطي
الغبزوري السكناوي
في الحقيقة أصبح الإنسان مضطرا لأن يطرح السؤال حول ما الذي يقع في “منارة المتوسط” و”الحسيمة الكبرى” بل أضحى هذا السؤال من أوجب الواجبات، نعم، ما الذي يقع في منطقة خصص لها الملك عدد من البرامج التنموية، كان أخرها بتكلفة مالية تبلغ 6,515 مليار درهم، وقبل ذلك حظيت بمشاريع مهيكلة غاية في الأهمية، سواء على المستوى الإجتماعي الإقتصادي أو على مستوى التهيئة المجالية والتأهيل الترابي.
الرأي العام المحلي والوطني يتذكر بلا شك أنه في سنة 2011، وقبل برنامج “الحسيمة: منارة المتوسط” بأربع سنوات، اطلع جلالة الملك على برنامج لا يقل أهمية من برنامج “منارة الماوسط” وأقصد هنا برنامج “رؤية تنمية الحسيمة الكبرى” الذي انطلق من دراستين علميتين هما “خارطة قابلية إقليم الحسيمة للتعمير” و”المخطط المديري للتهئية العمرانية للحسيمة الكبرى” اللتان أنجزتا بتكلفة تفوق 20 مليون درهم.
كل هذه البرامج وضعت نصب عينيها أهداف كبرى من قبيل “تهيئة فضاءات استقبال متناسقة وجذابة لإستقطاب المستثمرين، والقيام بعمليات تسويق الإقليم كوجهة للاستثمار” و”تحسين التنافسية الإقتصادية للمجال، وتقوية التماسك الإجتماعي” ولكن واقع الحال يقول أن الفوضى والبناء العشوائي توغلا في كل الجماعات، وكأن السلطات المحلية لا تعلم بالمخاطر الطبيعية التي تهدد الإقليم ولم تسمع، يوما، بالتعليمات التي تضمنها الخطاب الملكي في 25 مارس 2004.
الذي يتابع التعمير في جماعات إقليم الحسيمة وبعض مراكزه الناشئة، ويشاهد كيف ينتشر البناء العشوائي وتزحف الأشباح الإسمنتية في كل الإتجاهات، بناء يلاصق الجبال في علوها ويمتدد مع الوديان والأنهار، أقول أن الذي يتابع هذه الإمتداد السرطاني سيشك أن الإقليم استفاد، حقا، من دراسة تعد في هذا الإطار هي الأولى من نوعها بالمغرب وإفريقيا، وأنجزها مكتب هندسة بمشاركة 50 مهندسا وخبيرا وطنيا ودوليا.
جولة بسيطة داخل النطاق الجغرافي لهذه الدراسة، والتي تهم 400 كلم مربع، سيتأكد الإنسان من خلالها أن انتشار البناء العشوائي بهذه الشراهة لا يتعلق أبدا بالفئات الإجتماعية التي تعاني الفقر والهشاشة وحاجتها للاستقرار وامتلاك السكن، ولكن بلوبيات وشبكات منظمة لا يوجد ضمن أجندتها ومخططاتها سوى توسع أحزمة الفقر والهشاشة والهدر المدرسي، وخلق فضاءات عمرانية مفتوحة على كل عاهات المجتمع.
حقيقة لا أدري كيف سيتم تحقيق هذه الأهداف، أي استقطاب المستثمرين وتسويق الحسيمة وتحسين التنافسية الإقتصادية، وشبكات البناء العشوائي استولت على مفاصيل المساحة التي استهدفتها الدراستين، وهي ما يشكل حوالي 10 بالمائة من مجموع مساحة الإقليم، وبتدقيق أكثر فإن هذه الشبكات، التي تستغل تراخي السلطة المحلية وتتحالف مع طغمة فاسدة من المنتخبين، أصبحت هي من تتحكم في توجيه التعمير في أجزاء مهمة من الجماعات المعنية بالدراستين.
وأظن أن عامل الإقليم، وهو المُوَلَّعٌ بالزيارات التفقدية والعمل الميداني، قد لاحظ وهو يتجول انطلاقا من ٱبت بوعياش ومرورا بإمزورن وأجدير، فوصولا إلى الحسيمة، او عبر محور النكور، أيت يوسف وعلي، أيت قمرة فإزمورن، حجم تفشي البناء خارج ضوابط القانون ومدى انتشار البناء العشواىي والفخم في أن واحد، كما أنه لربما توصل بشكايات عن أعوان ورجال السلطة تجاهلوا مقتضيات وضوابط قوانين التعمير.
أن يشعر المواطن بأن الإدارة الترابية أصبحت عاجزة أمام هذه الشبكات التي انتحت فضاءات عمرانية ما هي بمدن وما هي بقرى، فضاءات بدون هوية، بل هي كتل إسمنتية مفتوحة على توزيع المخدرات ونشر التطرف، أقول أن يشعر المواطن بهذا العجز فهو أمر خطير، بل يبعث على قلق حقيقي، ويسائل بالدرجة الأولى السيد عامل الإقليم، حسن الزيتوني، حول الإجراءات المتخذة في عهده من أجل تحقيق تهيئة تضمن جاذبية المجال وتناسقه من جهة وحماية أرواح المواطنين وسلامتهم من جهة أخرى.
اليوم، وفي عز التحضير للإنتخابات، هناك من يريد أن يروج أن حسن الزيتوني، وهو الذي قضى حوالي سنة ونصف على رأس الحسيمة، لم يستطع تطبيق قراره عدد 355 بتاريخ 2024/01/24، والقاضي بتوحيد لون طلاء المنازل والبنايات، وما بالك الضرب بيد من حديد على شبكانت البناء العشوائي، وكل المساهمين في تقويض كل الٱليات الوقائية من المخاطر الطبيعية في مجال البناء والتعمير، وكان أخرها المشروع المتعلق “الميكرو–تنطيق الزلزالي” لمدينة الحسيمة وضاحيتها، والذي كلف 5 مليون درهم
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.